عودة الأغراب..
...
عدت
بعد ثمان سنين
وشهور .
بعد طول غياب..
وكنت أرسم ..
في خاطري
وفي مخيلتي
من الأحلام ماطاب.
وكيف سيكون اللقاء..
شوق..
حنين..
صراخ.
ودمع سكاب..
..
عدت وقد كانت عودتي.
كعودة الأغراب..
لقد تحجرت الدموع
في مقلتي.
وغص الكلام.
في حلقي..
كانت آحلامي سراب.
إبني الذي تركته ولدا.
غدا اليوم.
في ريعان الشباب
وبناتي غدين فتايات.
وفاتهن قطار الفرح.
بسبب شهادة وكتاب..
أأقول لهم أولادي.
أحبابي.
وأضمهم على صدري.
وأطفئ نار شوق لهاب..
رباه..
ما أصعبها من لحظة.
أحسست بيني وبينهم حاجز.
كحاجز ذو القرنين.
من رصاص مذاب..
.
وأمي التي كانت
في أوج قوتها.
غدت عجوز
لاتقوى أن تعيل نفسها
وظهرها حنى
وشعرها شاب..
ارتميت على صدرها.
وبكيت كطفل صغير.
أتلمس حنانها.
ودفء صدرها.
بعد طول غياب.
وأحسست أني ولد عاق.
قد ظلمها بغيابه.
قد نسي التعب.
ونهد حلاب..
..
ووالدي
الذي كنت أتمنى.
أن آراه ينتظرني.
على الباب
بهيبته وضحكته المعتادة
وأسمعه ينادي
كما تعودت أن أسمعها منه
آهلا..أبو الشكر..
قد غدا اليوم .
تحت التراب..
..
وأخوتي وسندي.
الذين كنت معتاد
على مزاحهم
وطيب ملقاهم.
مازالوا في المعتقل.
وطيفهم غاب..
.
جيراني.
أصدقائي.
آهل حارتي..
لم أجدهم..
لقد تبدلت الوجوه..
لم يعد هناك رجال
ولاشيوخ..
ولا نساء وعجائز..
لقد مات من مات.
وغاب منهم من غاب..
..
وأطفال تركتها.
غدت رجالا.
ويملأ وجهوهها.
أشناب..
أخذت أتعرف على وجوه
بعضهم على الملامح.
وعلى فراسة الأعراب..
منهم من صدق حدسي
وقد عرفته..
ومنهم ولم أعرفه.
وحدسي عنده خاب .
...
وحارتي..
آااااااااااه
يا حارتي.
معقل طفولتي.
وكل ذكرياتي..
التي كانت تزهوا.
رغم سواد سناسيلها.
كأنها عروس رباب..
.
ليمونها..
زيتونها.
ياسمينها.
حيطانها..
شورعها..
كلها شاحبة..
يكسوها الكأب..
ولم يعد الحمام يحلق.
في سمائها..
ولم أسمع للدوري
ولكناريها والحساسين.
زقزقة ولا تغريد.
كأنها هاجرتها.
وتركتها لنعق الغراب...
وغدت كمدينة أشباح.
يسكنها الأغراب..
كلهم يطيلون النظر إلي.
وأشعر بعيونهم ريبة..
و استهجان و استغراب..
وفيها ألف. ألف سؤال..
لم ألق لها جواب..
وأخذت أسأل نفسي..
هل أنا الغريب..
أم هم الأغراب..
...
جرناس حوران ابوشاكر
الكلمات المفتاحية :
شعراء مطلع الألفية